فصل: نَوْعٌ ثَانٍ مِنَ التَّشَهُّدِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ نَهْيِ الْجَالِسِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى يَدَيْهِ:

1510- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ.

.ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْجِلْسَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ التَّشَهُّدِ:

قَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ عَلِيٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا مَضَى، أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، كَذَلِكَ وَذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَهَذَا بَابٌ أَغْفَلَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَاعْتَلَّ بَعْضُهُمْ بِمِثْلِ الْعِلَّةِ الَّتِي أَنْكَرُوهَا عَلَى الْكُوفِيِّينَ، فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: لَيْسَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، كَقَوْلِ الْكُوفِيِّ: لَيْسَ ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. فَمِنْ حُجَّةِ بَعْضِ مَنْ يَقُولُ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الْحَرْفِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ قَالَ: يُقَالُ لِمَنْ قَالَ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: حَفِظَ عَبْدُ اللهِ شَيْئًا وَحَفِظَ ذَلِكَ مَعَهُ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ، وَحَفِظَ ابْنُ عُمَرَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ عَبْدُ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُ مِثْلُ مَا قَالَ الْكُوفِيُّ، وَحَفِظَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو حُمَيْدٍ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُمَرَ، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ وَأَبِي حُمَيْدٍ وَمَنْ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا مَا لَمْ يَحْفَظْهُ ابْنُ عُمَرَ، وَكُلُّ مَا أَلْزَمُوهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ مِنْ قِصَّةِ بِلَالٍ وَأُسَامَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَدْخَلُوهُ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ قَبُولِ الزِّيَادَةِ الَّتِي حَفِظَهَا عَلِيُّ وَأَبُو حُمَيْدٍ وَمَنْ مَعَهُمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا.

.ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّشَهُّدِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ:

1511- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَمَّادٍ، وَمَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٍ، وَالْأَعْمَشِ، وَأَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ، فَعَلَّمَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا جَلَسْتُمْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

.ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَاخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: افْتَرَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ ثَلَاثَ فِرَقٍ، فَسَوَّتْ فِرْقَةٌ بَيْنَ الْجِلْسَةِ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ، فَرَأَتْ أَنْ يَنْصِبَ الْجَالِسُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَفْتَرِشَ الْيُسْرَى فَيَجْلِسَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ إِذَا قَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَجْعَلُهَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى نَصْبًا وَيُوَجِّهُ أَصَابِعَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ هَذَا مَذْهَبُهُ بِحَدِيثٍ.
1512- حَدَّثناهُ يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: ثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاتِهِ كَيْفَ يُصَلِّي؟ فَلَمَّا جَلَسَ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ حَدَّ مِرْفَقِهِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تُضْجِعَ رِجْلَكَ الْيُسْرَى وَتَنْصِبَ الْيُمْنَى. وَرَأَتْ فِرْقَةٌ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا يَجْلِسُ فِي التَّشَهُّدِ، يَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُثْنِي الْيُسْرَى وَيَقْعُدُ عَلَى وَرِكِهِ الْأَيْسَرِ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا وَيَعْتَدِلَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا نَصَبَ الْيُمْنَى جَعَلَ بَطْنَ الْإِبْهَامِ عَلَى الْأَرْضِ لَا ظَهْرَ الْإِبْهَامِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ.
1513- حَدَّثناهُ عَلِيُّ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ: أَرَاهُمُ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ، فَنَصَبَ الْيُمْنَى وَثَنَى الْيُسْرَى وَجَلَسَ عَلَى وَرِكِهِ الْيُسْرَى، وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَى قَدَمِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَانِي هَذَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَحَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَرَأَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ أَنْ يَجْلِسَ الْجِلْسَةَ الْأُولَى كَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَيَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى نَحْوِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ مَالِكٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِذَا أَرَادَ الْجُلُوسَ فِي مَثْنَى جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى مَثْنِيَّةً يَمَاسُّ ظَهْرُهَا الْأَرْضَ، وَنَصَبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَانِيًا أَطْرَافَ أَصَابِعِهَا، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّابِعَةِ أَخْرَجَ رِجْلَيْهِ مِمَّا مِنْ تَحْتِهِ فَأَفْضَى بِأَلْيَتَيْهِ إِلَى الْأَرْضِ، وَفِي الصُّبْحِ جِلْسَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَجْلِسُهَا الْجِلْسَةَ الْأَخِيرَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ.
1514- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بْنُ رِبْعِيٍّ، يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُكُمُ بِصَلَاةِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فَاعْرِضْ، قَالَ: كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: ثُمَّ هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَقَعَدَ عَلَيْهَا وَاعْتَدَلَ حَتَّى رَجَعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ هَوَى سَاجِدًا ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ فَاعْتَدَلَ، ثُمَّ صَنَعَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا الصَّلَاةُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا ثُمَّ سَلَّمَ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: حَدِيثُ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ تَذْهَبُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ تُسَلِّمُ فِيهِ أَمْ فِي الْأَرْبَعِ خَاصَّةً؟ قَالَ: فِي الْأَرْبَعِ خَاصَّةً. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: كَانَ الشَّافِعِيُّ يَتَوَرَّكُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ أَيْضًا، قَالَ: فَقَالَ: فَإِنْ شَاءَ تَوَرَّكَ، أَيْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ جِلْسَةِ التَّشَهُّدِ، فَقَالَ: تَنْصِبُ الْيُمْنَى وَتُضْجِعُ الْيُسْرَى، وَإِنْ شِئْتَ جَلَسْتَ عَلَى رِجْلِكَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى ثَنَيْتَهُمَا جَمِيعًا تَحْتَكَ، وَكِلْتَاهُمَا جِلْسَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ.

.جِمَاعُ أَبْوَابِ التَّشَهُّد:

.ذِكْرُ تَعْلِيمِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ التَّشَهُّدَ:

1515- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: ثنا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُكَتِّبُ الْغِلْمَانَ.

.ذِكْرُ التَّشَهُّدِ:

1516- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدِ اللهِ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: السَّلَامُ عَلَى اللهِ دُونَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنَّ اللهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمُوهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

.نَوْعٌ ثَانٍ مِنَ التَّشَهُّدِ:

1517- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: أنا قَتَادَةُ قَالَ: أنا أَبُو غَلَّابٍ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، أَنَّ حِطَّانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا الْأَشْعَرِيُّ وَقَالَ: إِنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَعَلَّمَنَا سُنَنًا، وَبَيَّنَ لَنَا صَلَاتَنَا، وَقَالَ: فَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ وَالصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ بِهِ جَالِسُ التَّشَهُّدِ التَّحِيَّاتُ وَدِيعًا، لِأَنَّ الَّذِي يُفْتَتَحُ بِهِ التَّشَهُّدُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَمَا يَفْتَتِحُ أُمَّ الْقُرْآنِ.

.نَوْعٌ ثَالِثٌ:

1518- حَدَّثنا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ، فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللهِ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا سَائِرَ الْأَخْبَارِ فِي التَّشَهُّدِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ بِاخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدِ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي الْقَوْلِ بِهَذِهِ الْأَخْبَارِ، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ بِالتَّشَهُّدِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ التَّحِيَّاتُ وَالزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

.ذِكْرُ إِخْفَاءِ التَّشَهُّدِ:

1519- حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أنا أَبُو سَعِيدٍ، يَعْنِي الْأَشَجَّ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُخْفَى التَّشَهُّدُ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى التَّحِيَّاتِ، فَحَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: التَّحِيَّةُ الْمُلْكُ وَأَنْشَدَ لِزُهَيْرٍ الْكَلْبِيِّ: بحر الكامل:
وَلِكُلِّ مَا نَالَ الْفَتَى قَدْ ** نُلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةَ يَعْنِي الْمُلْكَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّحِيَّاتُ، الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ: الْأَعْمَالُ الزَّاكِيَةُ.
1520- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا شَبَابَةُ قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّحِيَّاتُ قَالَ: الْعَظَمَةُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ قَالَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ قَالَ: الْأَعْمَالُ الزَّاكِيَةُ. وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ تَفْسِيرِ التَّحِيَّاتِ، فَقَالَ: سَلَامُ الْخَلْقِ لِلَّهِ، وَصَلَوَاتُهُمْ لِلَّهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، يَعْنِي الطَّيِّبَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكُلُّ مَا ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَمَا تَرَكْتُ ذِكْرَهُ مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ، مِنْ أَنْوَاعِ التَّشَهُّدِ، فَهَذَا مِنْ أَبْوَابِ الْإِبَاحَةِ، فَأَيُّ تَشَهُّدٍ تَشَهَّدَ بِهِ الْمُصَلِّي مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي آخُذُ بِهِ التَّشَهُّدُ الَّذِي بَدَأْتُ بِذِكْرِهِ.

.ذِكْرُ الزِّيَادَةِ عَلَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مِنَ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ:

جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ.
1521- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، يَعْنِي ابْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ كَانَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ، قَالَ: قُلْنَا: حَتَّى يَقُومَ؟ قَالَ: حَتَّى يَقُومَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَرِهَ بَعْضُهُمُ الزِّيَادَةَ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ فِي الْمَثْنَى الْأَوَّلِ: إِنَّمَا هُوَ لِلتَّشَهُّدِ، وَقَالَ طَاوُسٌ فِي الْمَثْنَى الْأَوَّلِ: مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا التَّشَهُّدَ قَطُّ، وَهَذَا مَذْهَبُ النَّخَعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: مَنْ زَادَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَلَى التَّشَهُّدِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا تُزِدْ فِي الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَبَاحَ أَنْ يَدْعُوَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بِمَا بَدَا لَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ: ذَاكَ وَاسِعٌ، وَدِينُ اللهِ يُسْرٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ.
1522- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثنا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: ثنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَشَهَّدُ يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي التَّشَهُّدِ، كَانَ يَقُولُ هَكَذَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَيَدْعُو إِذَا قَضَى تَشَهُّدَهُ بِمَا بَدَا لَهُ.